كتاب الإسلام والخدمة الاجتماعية

كتاب الإسلام والخدمة الاجتماعية

 

 

 

 

 

 

 

الإسـلام و الخـدمة الاجتـماعية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أ.د. إبراهـيم عبد الرحـمن رجــب

 

وكيل كلــية الخــدمة الاجتـــماعية بجـــامعة حـــلوان سابقا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الطبعة الأولى

 

 

 

1421 هـ   -  2000 م.

 


 

 

 

 

 

 

المحتـــــويات

 

 

 

مقــــدمة 

 

الفصل الأول : الحاجة إلى التوجيه الإسـلامي للخــدمة الاجتــماعية .

 

المبحث الأول : استزراع النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وآثاره .

 

المبحث الثاني : نقـــل برامج الرعـــاية الاجتـــــماعية عن الغـــــرب وآثاره.

 

الفصل الثاني : الشعور بالمشكلة والاستجابة للموقف.

 

المبحث الأول : الدعوة إلى توطين وتأصيل الخدمة الاجتماعية في الدول النامية.

 

المبحث الثاني : اليقظة الإسلامية المعاصرة وقضية أسلمة المعرفة.

 

الفصل الثالث : مفهوم التوجــيه الإســلامي للخدمة الاجتماعية.

 

الفصل الرابع : أبعـــــــاد التوجيه الإسلامي للخدمة الاجتماعية.

 

المبحث الأول : الطبيعة البشــرية في المنظـور الإسـلامي.

 

المبحث الثاني : السنن النفسية والاجتماعية.

 

المبحث الثالث : تفسير المشكلات الفردية والمشكلات الاجتماعية.

 

المبحث الرابع : الرعـــــاية الاجتـــماعية والإصلاح الاجتماعي.

 

المبحث الخامس : طـرق التـدخل المهــني للخدمة الاجتماعية.

 


 

 

الإسلام و الخدمة الاجتماعية

 

 

 

مقـــدمة

 

      

 

  الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بـهداه إلى يوم الدين ... أما بعد:

 

فلقد أبدى المتخصصون في الخدمة الاجتماعية في الدول الإسلامية في العقود الأخيرة اهتماما متزايدا بقضية المراجعة النقدية المتعمقة للافتراضات الأساسية التي تبنى عليها المهنة ، وللمبادئ المهنية التي تستند إليها ، بغرض إحداث التغييرات اللازمة في ممارساتـها العملية حتى تصبح أكثر استجابة لحاجات المجتمعات التي تتم فيها تلك الممارسة ، ولكي تصبح أكثر فاعلية في النهوض بالأعباء والمسئوليات التي أولتها إياها تلك المجتمعات ، سواء فيما يتصل بإصلاح الخلل في النظم الاجتماعية ، أو فيما يتصل برعاية أو إعادة تأهيل الأفراد الذين أصيبوا من جراء تلك الأشكال من الاختلال الاجتماعي ، أو فيما يتصل بتنمية وصقل شخصيات الشباب ، وتنمية ورفع مستويات الحياة في المجتمعات المحلية في الريف والحضر .. إلى غير ذلك من صور وأشكال التنمية الاجتماعية .

 

 

 

   ولقد شاء الله ببالغ حكمته أن تصل تلك المراجعات المتعمقة في السنوات الأخيرة إلى غايتها إذ تتم في ضوء ما تشهده المجتمعات الإسلامية اليوم من عودة الوعي فيما نراه من هذه اليقظة الإسلامية المباركة ، حيث نشأ عن هذا اتجاه جهود الكثيرين من المتخصصين في الخدمة الاجتماعية بشكل جاد إلى استلهام الأطر النظرية والممارسات التطبيقية لهذه المهنة من منظور الإسلام وتصوره المحدد للإنسان والكون والمجتمع ، دون تفريط فيما صح من الأطر والممارسات الحديثة التي لا تتنافى  مع التصور الإسلامي ، وذلك فيما أصبح يعرف اليوم بالتأصيل الإسلامي للخدمة الاجتماعية ، أو التوجيه الإسلامي للخدمة الاجتماعية ، أو المنظور الإسلامي للخدمة الاجتماعية.

 

 

 

     ولا يخرج هذا الاتجاه في جوهره عن أن يكون حلقة أخرى من حلقات محاولة \"تطبيع\" العلاقات بين النظم والمؤسسات الممارسات التي تعيش المجتمعات الإسلامية في ظلها من جهة ، وبين عقائد وقيم ومبادئ هذا الدين الذي تنطوي عليه جوانح أهل تلك المجتمعات من جهة أخرى ، ويقصد بالتطبيع هنا عودة الأمور إلى نصابها \"الطبيعي\" من الاتساق الواجب بين المادة والفكر ... بين التنظيمات المادية والتوجيهات الإلهية في كل جانب من جوانب الحياة .. علاجا لهذا الفصام النكد الذي تعيشه المجتمعات الإسلامية المعاصرة بين الترتيبات المجتمعية التي يُشبع الناس حاجاتهم الإنسانية في إطارها وبين العقيدة التي تملك على الناس مجامع قلوبهم ، والتي تحسم في النهاية مآلهم في دنياهم وأخراهم .. ذلك الفصام الذي يمكن أن نرد إليه حالة التخلف التي تعانى منها الأمة الإسلامية اليوم في كافة الميادين ، والذي لا يمكن تصور تحقيق التنمية الشاملة للأمة على أي وجه إلا بالخلاص منه - ضمن شروط أخرى يقصر عنها نطاق هذه المقدمة.

 

 

 

      ومن هنا فإن جهدنا في هذا البحث سينصب أولا على التعريف بأصول الوضع الراهن لتوضيح الأسباب التي تجعل قضية التوجيه الإسلامي للعلوم أمرا حتميا ، وذلك من خلال تحديد الظروف التي نشأ في ظلها هذا الفصام بين علومنا ونظمنا وممارساتنا وبين عقيدتنا الإسلامية ، قبل أن نركز على النتائج التي ترتبت على هذا الوضع في محيط برامج ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، ثم نتجه بعد هذا إلى توصيف بعض المحاولات الباكرة لمواجهة هذا الموقف لإيجاد نوع من التقارب أو الملاءمة بين ممارسات الخدمة الاجتماعية وبين ظروف مجتمعاتنا (وغيرها) فيما يعرف بجهود توطين الخدمة الاجتماعية أو أقلمتها ، أو ما يعرف بتأصيل الخدمة الاجتماعية في الدول النامية .

 

 

 

    ثم إننا نتعرض بعد ذلك بقدر من التفصيل لحركة أسلمة المعرفة في صورتها الأصيلة النقية لاستقصاء الظروف التي أبرزتها حتى أصبحت من أكثر الاتجاهات تأثيرا في محيط العلوم الاجتماعية في عالمنا الإسلامي اليوم ، وذلك قبل أن ننتقل مباشرة لاستجلاء مفهوم التوجيه الإسلامي للخدمة الاجتماعية ، أما ما تبقى من البحث فإننا نخصصه لعدد من المباحث المستقلة التي نتناول فيها الأبعاد الخمسة للتوجيه الإسلامي للخدمة الاجتماعية بشيء من التفصيل.

 

 

 

   وسيلاحظ القارئ الكريم أن تناولنا لموضوع \"أبعاد\" التوجيه الإسلامي للخدمة الاجتماعية وإن ظهر مطولا إلا أنه لم يخرج في كثير من الأحيان عن مجرد إعطاء أمثلة ونماذج محدودة لاتصل إلى استقصاء هذا الموضوع المتعدد الجوانب الذي يحتاج معالجة أكثر تفصيلا وتعمقا. فلقد كان الهدف من تناول موضوع أبعاد التوجيه الإسلامي للخدمة الاجتماعية على هذه الصورة مجرد تقديم مؤشرات لما يمكن أن يكون عليه تطبيق منهج التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية في دراسة هذه الموضوعات الخمسة قدر ما تسمح به معرفتنا الراهنة حول الموضوع ، ومن هنا جاء حرصنا - عند التعامل مع كل بعد من الأبعاد الخمسة - على تلخيص الأفكار الأساسية لما تتضمنه كتابات العلوم الاجتماعية الحديثة حول كل موضوع ، ثم نقد تلك الأفكار ، ثم استكمالها أو استبدالها بما يلائمها من عناصر التصور الإسلامي المتصلة بالموضوع ، في محاولة لإيجاد التكامل المنشود بين ما صح من نتائج تلك العلوم الاجتماعية الحديثة وبين ما نظن أنه يمثل أصول التصور الإسلامي المتفق عليه - في حدود ما نعلم .